الاثنين، 7 يوليو 2008

الاعلام و التزام الحكومة اتجاه الراي العام

الاعلام و التزام الحكومة اتجاه الراي العام

يقود الاعلام الحياة في وقتنا الراهن كما لم يفعل في أي وقت مضى لا من حيث قوة و حجم المؤسسات الاعلامية او من خلال رساميلها الضخمة و اللوبيات التي تجرها و رائها او من خلال شبكة العلاقات العامة الواسعة فحسب بل ايضا بسبب ذلك الهوس الذي يبديه الانسان في هذا العصر من اهتمام بالاعلام الذي اصبح يطارد الانسان في كل مكان و ان استراح الاعلام من هذه المطاردة نجد ان الانسان نفسه من حيث يشعر او لا يشعر يطارد وسائل الاعلام، حتي اننا نرى ان الانسان الحديث يبني معظم قناعاته على ما يتلقاه من الاعلام لا في مجال الذوق العام او الموضة بل اخذت تتعدى ذلك الحدود قد لا تكون معقولة قبل فترة من الزمان مثل القناعة السياسية او النظرة للحياة او الوجود و الايمان الى الكثير من القناعات التي كان الانسان و ما زال يبني عليها اساسياته الفكرية و العقائدية .

ان متطابات الحيات المتسارعة و التنظيم المُلزم لضروف الحياة و العمل و التي لم تدع كبير مجال لغير الجهد المنتج ذو المنفعة وهو الجهد المفيد في الاعم الاغلب كل ذلك جعل الانسان الحديث يتلقى قناعاته بجاهزية و سرعة و مقبولية عالية من خلال و سائل الاعلام التي اصبحت تدرك الحاجة المتزايدة لها من قبل الانسان و مستفيدة من ناحية من رغبة الانسان العصري للتعاطي السريع و الملح مع مفردات حياته السريعة التي استغلها الاعلام و اخذ يقدمها للانسان نسرعة وسلاسة و شغفتلك الرغبات و الحاجات بل و حتى النزوات التي اخذت تقدم له ساخنة على طاولة الاعلام و كذلك تلك اللغة الاعلامية العالية و المحترفة التي تقود و سائل الاعلام (ان الاعلامي المحترف لايترك اي فتحة صغيرة او كبيرة الا حاول الولوج من خلالها الى عقل المتلقي) بها حملاتها الاعلامية لغزو فكر و قناعة المتلقي وهي طبعا مدفو عة بزخم كبير من خلال حجم راس المال المتداول كربح في هذا الاعلام الحديث.

ان ظهور المنظومات القيمية الجديدة التي ولدت من رحم التطور المذهل لوسائل الاتصال (فضائي و شبكي و غيرها تلك الموجة الهائلة من المعلومات المنسقة و السلسة) و رغم من انها لعبت دورا كبيرا في ما يمكن ان نسميه و حدة الذوق العالمي او توحيد المنطلقات الفكرية العالمية او بصورة اخرى العولمة الاعلامية و(وهي احد اوضح صور العولمة ) لعبت دورا مهما في التواصل عن بعد في ظل غياب او ضعف وسائل الاتصال القريبة (يعاني الانسان اليوم في ظل ضغوط الحياة و العمل مشاكل للتواصل مع العائلة و الصداقات و الزمالات و العلاقات الاجتماعية ). من كل تلك العوامل يتضح ان الاعلام من العوامل الرئيسية في التأثير الاجتماعي و لا بد لمن هو بحاجة للتعمل مع الراي العام و التفاعل معه ان يهتم بالاعلام و يعطيه الاولوية في عمله.

اوضاع العراق الاعلامية قبل و بعد 9/4/2003

تاثر الوضع في العراق بعد 9/4/2003 بالاعلام بصورة كبيرة لاسباب غدت واضحة للمتتبع لهذا الوضع حيث الاعلام التعبوي المحدود والموجه الذي كان يسيطر عليه النظام في تلك الفترة بصورة مطلقة و الذي كان يتحكم بجميع مفاصله و معطياته، حيث كان الشعب يعيش على هذا الكم و النوع المحدود من المادة الاعلامية و التي كانت تنتج بصورة رديئة و مملة جعلت من المتلقي العراقي يتامل ذلك الفضاء اللامع من الحرية الاعلامية كحلم صعب المنال و هذا طبعا اثر على تقيمه للاعلام بعد 9/4/2003 لاننا و بساطة و من خلا مقارنة الكم و النوع الاعلامي الذي كان يتعامل معه المواطن العراقي قبل و بعد هذا التاريخ يجعلنا لا نثق بحكمه القائم على القناعة الاعلامية التي تاصلت به بعد هذا التاريخ اي 9/4/2003 حيث انفتحت الاجواء امام العراقين للتعامل مع و سائل الاعلام كمتاثرين و مُاثرين في الاعلام و لكن للاسف ظهرت هناك مشاكل كبيرة و كثيرة طغت على تلك التجربة الجديدة في الاعلام العراقي لا كمؤسسات و التي نجحت في التوسه بعد هذا التاريخ و لعلها بدأت بوضع قدمها على طريق النجاح الاعلامي ولكن كمشهد اعلامي و التاثير بالراي عام الذي اكتشف فيما اكتثف ان الاخبار على شاشة التلفاز يمكن ان تكون كاذبة ايضا بعد ان تعود و عبر سنين القمع الاعلامي ان ياخذ اوامره و يتخذ قراراته من خلال تلك الشاشة التي كان القائد الضرورة يحاول استثمارها الى ابعد حد.

ان ما يمكن ان نسميه الطفولة الاعلامية او التجربة التي من الممكن ان نقول عنها الصدمة الاعلامية التي نتجت من الانتقال من منافذ اعلامية قليلة و محدودة و مراقبة الى تلك الاجواء المفتوحة من قنواتة الاستقبال الرقمي الى الانترنت الى الحدود المفتوحة مروراً بحرية النشر و الطباعة و اصدار المطبوعات بحرية تكاد تكون بدون ضوابط ، كل تلك العوامل و غيرها تركت التاثير الاعلامي يمر بمشاكل خطيرة جعلته يمثل احد اخطر المشاكل التي اثرت على التعامل مع الوضع الامني و السياسي و الاقتصادي بل و حتى في جوانب التربية و الاجتماع و الثقافة و الفن ...الخ. و لعل المتابع البسيط للوضع الاعلامي يوضح تلك الهوة التي حصلت في العراق بسبب التاثير الاعلامي او الصدمة الاعلامية التي تلقاها الراي العام العراقي عقب 9/4/2003.

لعلي لست وحدي الذي كان يرى العجز االحكومي الذي كانت تعاني منه الحكومة ازاء الدوامة الاعلامية التي كانت حاصلة في العراق خاصة ايام حكو مة الدكتوريين اياد علاوي و ابراهيم الجعفري حيث كان التخبط في التعامل مع و سائل الاعلام هو السمة الغالبة على تقييم ادرة الحكومة لملف الاعلام و نتيجة سوء الادارة لهذا الملف يمكن ان نعزو لها يد في تصاعد الاعمال الارهابية و العنف الطائفي و السياسي و التي اذا ما كان هناك من دراسات علمية و موضوعية محترفة يمكن ان تصور لنا اعداد الضحيا الذين قضوا نتيجة هذا العنف الذي كان للاعلام دورا بارزا في تاجيجه من خلال استثمار النزاعات المذهبية و السياسية من خلال اشراك حتى العوامل الخارجية في الموضوع و يمكن لنا اليوم البحث في موضوع عولمة الجهاد الديني على ارض العراق الذي ما كان ان يكون لولا الدور المقصود او غير المقصود من الاعلام .

تطور الاداء الحكومي في ادارة ملف الاعلام

ان المتتبع للمشهد الاعلامي العراقي و بالاخص الاداء الحكومي في مجال ادارة الملف الاعلامي و الذي اعتقد انني قد تخصصت به قد لاحظت تحسننا واضحا في التعامل مع هذا الملف خلال ادرة المالكي للحكومة العراقية و المتتبع البسيط لوسائل الاعلام يمكن ان يلاحظ هذا الفرق الذي قد يعزوه البعض الى ضروف موضوعية عامة غير اعلاامية مثل التحسن الذي طرئ على الملف الامني بصورة عامة و كذلك بروز ما يعرف بالصحوات او مجالس الاسناد و ايضا الانتفاضة الشعبية التي قام بها المواطن العراقي نتيجة العنف المفرط الذي مارسته الجهات المسلحة ضذ ابناء العراق ، كل تلك الامور دفعت الاعلام الى ان يصحح لغته التي يقدمها الى الشعب العراقي . الااني لاحظت ان الاداء الحكومي ايضا قد تطور في ادارة ملف الاعلام و لعل الدور الذي عبه السيد ياسين مجيد المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء قد ساعدت في ادارة العمل الحكومي من خلال الاجراءات التنظيمية و الادارية و الفنية و كذلك ادارة اموال بث الاعلانات التلفزيونية وغيرها من الخطوات الناجحة كانت قد ساهمت في تخفيف الاثر السيء للاعلام على الراي العام العراقي .

ان النجاح المتحقق في حكومة السيد المالكي لا يعني اننا وصلنا الى الادارة الافضل لادارة الاعلام و انما في الطريق مازال هناك الكثير من الخطوات التي يجب ان تخطوها الحكومة في مجال التعامل مع الاعلام للتعامل الافضل و لكي لا اطيل على القارئ العزيز ساترك الموضوع لدراسة لاحقة .

Ali.hason@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: